بين النكسة الكروية والصخرة الذهبية يا قلبى لا تحزن
بالتأكيد أن الملايين يعلمون الكثير من
أسباب وأسرار النكسة الكروية التى حدثت مؤخراً فى السودان للكرة المصرية
الجزائرية وما تبعها من انفعالات وتشنجات ومهاترات وبذاءات يندى لها
الجبين مما أدى لتدهور العلاقات بين الأشقاء.ولكننى أعتقد أن
القليلين هم الذين يتابعون أخبار التقرير الخطير الذى أصدره القاضى الجنوب
أفريقى السيد جولدستون والذى يعنى اسمه بالعربية «الصخرة الذهبية»، والذى
فضح من خلاله العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين الأبرياء فى غزة. ويبدو
أنه كما قال الحكماء قديماً فإن لكل شخص من اسمه نصيباً، فلقد تحطمت
الإدعاءات الإسرائيلية الكاذبة فوق شموخ وصمود هذه الصخرة الذهبية متمثلة
فى شخص هذا القاضى الشجاع مستر جولدستون، والذى بذل جهداً كبيراً للتوصل
إلى هذه الحقيقة المؤلمة فلقد استمع للمئات من شهود العيان والمصابين،
وقام بالتحرى والتقصى ومعاينة الدمار المروع المتخلف عن هذه الحرب الآثمة،
والتى دمرت شبكات الطرق ومحطات الكهرباء والمياه والغاز فى قطاع غزة،
فانتشر الظلام وكادت الحياة أن تتوقف مع انقطاع التيار الكهربائى عن جميع
المنازل والمرافق الحيوية، خاصة المستشفيات بما فيها حضانات حديثى
الولادة.. كما أنه شاهد الأشلاء الآدمية المتناثرة فى الشوارع
والطرقات والتى خلفتها القنابل العنقودية والفوسفورية المحرمة دولياً،
والتى استخدمتها إسرائيل فى عدوانها الغادر على المواطنين الفلسطينيين
الأبرياء فى غزة مما جعل أجسادهم تتفتت وتحترق بل وتنصهر حتى العظام
والنخاع فى جريمة بشعة لم يسبق للإنسانية أن شاهدت لها مثيلاً، والتى رآها
العالم أجمع عبر الفضائيات المتعددة!!إننى أتساءل- وأنا فى أشد
حالات الحزن والضيق والحيرة- لماذا تبلدت المشاعر والأحاسيس العربية
الجامحة؟ وهل تجمدت الدماء الحرة داخل عروق العرب؟ وهل جفت الدموع داخل
الأعين العربية فلم يعد يحركهم أو يؤثر فيهم تهويد القدس العربية وإزالة
معالمها وطمس هويتها الإسلامية وبناء المستوطنات اليهودية؟ وحتى
الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى ومحاولة تقسيمه وهدمه ومنع بعض
المصلين الفلسطينيين من دخوله وضربهم وتفتيشهم ومحاصرتهم على أبوابه، لم
يعد يحرك ساكنا لدى الجماهير العربية!! فما الذى حدث للنخوة
والحمية والشهامة العربية والتى نامت واستكانت ولم يعد يحركها سوى مسابقات
الهجن والمباريات الكروية.. فحسبنا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى
العظيم.. وسلام عليك يا مستر جولدستون!!