الاحتفالات تشتمل على أمور محرّمة
إن هذه الاحتفالات مشتملة على أمور محرّمة في الغالب ، كاختلاط النساء بالرجال ، وقراءة المدائح مع الموسيقى والغناء (1) .
يلاحظ عليه : أن هذا النوع من الاستدلال ينمّ عن قصور باع المستدل ، وهذا يدّل على أنه قد أعوزه الدليل ، فأخذ يتمسك بالطحلب شأن الغريق المتمسك به .
فإن البحث في نفس مشروعية العمل بحد ذاتها ، وأما الأمور الجانبية العارضة عليه ، فلا تكون مانعاً من الحكم بالجواز ، وما ذكره لا يختص بالاحتفال ، بل كل عمل يجب أن يكون بعيداً عن المحرمات ، فعلى المحتفلين أن يلتزموا بذلك ، ويجعلوا مجالسهم مهبطاً للنور .
__________________
(1) ابن الحاج ، المدخل 2: 2.
وفي الختام نركز على أمر وهو ، أن الاستدلال على الجواز أو المنع بالأمور الجانبية خروج الاستدلال الفقهي ، فإن الحكم بالجواز والمنع ذاتاً يتوقف على كون الشيء بما هو جائزاً أو ممنوعاً ، وأما الاستدلال على أحدهما بالأمور الطارئة فليس استدلالاً صحيحاً.
وهناك نكتة أخرى ، وهي أن الاستدلال على الجواز بما جرت عليه سيرة العقلاء من إقامة الاحتفالات على عظمائهم قياس الفارق ، لأن الاحتفالات الرائجة بمولد النبي r فإنما هو احتفال ديني ، وعمل شرعي ، فلا يقاس بتلك الاحتفالات ، بل لابدّ من طلب دليل شرعي على جوازه ، وبذلك تقدر على القضاء بين أدلة الطرفين .
نعم لا يمكن أن ننكر أن ما يقيمه العقلاء من احتفال يؤثر في نفوسنا ويحفزنا للإقبال على الاحتفال بمولد النبي r ، وفي هذا الصدد يقول العلاّمة الأميني :
( لعل تجديد الذكرى بالمواليد والوفيات ، والجري على مراسم النهضات الدينية أو الشعبية العامة ، والحوادث العالمية الاجتماعية ، وما يقع من الطوارق المهمة في الطوائف والأحياء ، بعدّ سنيها ، واتخاذ رأس كلّ سنة بتلكم المناسبات أعياداً وأفراحاً ، أو مآتماً وأحزاناً ، وإقامة الحفل السارّ ، أو التأبين ، من الشعائر المطّردة ، والعادات الجارية منذ القدم ، ودعمتها الطبيعة البشرية ، وأسستها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة ، عند كل أمة ونحلة ، قبل الجاهلية وبعدها ، وهلمّ جرّاً حتى اليوم .
هذه مراسم اليهود ، والنصارى ، والعرب ، في أمسها ويومها ، وفي الإسلام وقبله ، سجّلها التاريخ في صفحاته .
وكأن هذه السنة نزعة إنسانية ، تنبعث من عوامل الحبّ والعاطفة وتسقى من منابع الحياة وتتفرع على أصول التبجيل والتجليل ، والتقدير والإعجاب ، لرجال الدين والدنيا ، وأفذاذ الملأ ، وعظماء الأمة إحياء لذكراهم ، وتخليداً لأسمائهم ، وفيها فوائد تاريخية اجتماعية ، ودروس أخلاقية ضَافِيَة راقية ، لمستقبل الأجيال ، وعظمات وعبر ، ودستور عملي ناجح للناشئة الجديدة ، وتجارب واختبارات تولد حنكة الشعب ، ولا تختص بجيل دون جيل ، ولا بفئة دون فئة .
وإنما الأيام تقتبس نوراً وازدهاراً ، وتتوسم بالكرامة والعظمة ، وتكتسب سعداً ونحسا ، وتتخذ صيغة مما وقع فيها من الحوادث الهامة وقوارع الدهر ونوازله … (1) .
________________
(1) الأميني ، سيرتنا وسنتنا : 38-39ط الثانية .
اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِمَّنْ لَزِمَ مِلَّةَ نَبِيِّكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ + وَعَظَّمَ حُرْمَتَهُ وَأَعَزَّ كَلِمَتَهُ + وَحَفِظَ عَهْدَهُ وَذِمَّتَهُ + وَنَصَرَ حِزْبَهُ وَدَعْوَتَهُ + وَكَثَّرَ تَابِعِيهِ وَفِرْقَتَهُ + وَوَافَى زُمْرَتَهُ + وَلَمْ يُخَالِفْ سَبِيلَهُ وَسُنَّتَهُ + اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الاِسْتِمْسَاكَ بِسُنَّتِهِ + وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الاِنْحِرَافِ عَمَّا جَاءَ بِهِ + اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ وَرَسُولُكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ + وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ وَرَسُولُكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ + اللَّهُمَّ اعْصِمْنِى مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ + وَعَافَنِى مِنْ جَمِيعِ الْمِحَنِ + وَأَصْلِحْ مِنِّى مَا ظَهَرَ وَمَا بَطَنَ + وَنَقِّ قَلْبِى مِنْ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ + وَلاَ تَجْعَلْ عَلَىَّ تِبَاعَةً لأَحَدٍ + اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الأَخْذَ بِأَحْسَنِ مَا تَعْلَمُ + وَالتَّرْكَ لِسَىِّءِ مَا تَعْلَمُ + وَأَسْأَلُكَ التَّكَفُّلَ بِالرِّزْقِ وَالزُّهْدَ فِى الْكَفَافِ + وَالْمَخْرَجَ بِالْبَيَانِ مِنْ كُلِّ شُبْهَةٍ + وَالْفَلَجَ بِالصَّوَابِ فِى كُلِّ حُجَّةٍ + وَالْعَدْلَ فِى الْغَضَبِ وَالرِّضَاءِ + وَالتَّسْلِيمَ لِمَا يَجْرِى بِهِ الْقَضَاءُ + وَالاِقْتِصَادَ فِى الْفَقْرِ وَالْغِنَى + وَالتَّوَاضُعَ فِى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ + وَالصِّدْقَ فِى الْجِدِّ وَالْهَزْلِ + اللَّهُمَّ إِنِّ لِى ذُنُوبًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ + وَذُنُوبًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ خَلْقِكَ + اللَّهُمَّ مَا كَانَ لَكَ مِنْهَا فَاغْفِرْهُ + وَمَا كَانَ مِنْهَا لِخَلْقِكَ فَتَحَمَّلْهُ عَنِّى + وَأَغْنِنِى بِفَضْلِكَ إِنَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ +
اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِالْعِلْمِ قَلْبِى + وَاسْتَعْمِلْ بِطَاعَتِكَ بَدَنِى + وَخَلِّصْ مِنَ الْفِتَنِ سِرِّى + وَاشْغَلْ بِالاِعْتِبَارِ فِكْرِى +
وَقِنِى شَرَّ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ + وَأَجِرْنِى مِنْهُ يَا رَحْمَنُ حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ عَلَىَّ سُلْطَا